العاب سيارات
الرئيسية » » الفصل السادس: أسلوب المدح والذم

الفصل السادس: أسلوب المدح والذم

الفصل السادس: أسلوب المدح والذم
من الأساليب النحوية التي استخدمها العرب للتعبير عن المدح ، أو الذم ، أسلوب " نعم وبئس " ، و " حبذا ولا حبذا " ، وغيرها من الأفعال التي تسد مسدها كـ " ساء ، وحسن ، وضعف ، وكبر " وما قام مقامها .

أولا ـ أفعال المدح :
خصص النحاة للدلالة على المدح الأفعال الآتية :
1 ـ نعم : فعل ماض جامد خصص لإنشاء المدح .
نحو : نعم الحياة الآخرة . ونعم العمل العبادة .
في المثالين السابقين يجد أن جملة المدح تكونت من فعل المدح " نعم " ، والفاعل " الحياة " في المثال الأول ، و " العمل " في المثال الثاني ، والمخصوص بالمدح وهو " الآخرة " في المثال الأول ، " والعبادة " في المثال الثاني .
ومنه قوله تعالى : { ونعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها } .
2 ـ حبذا : فعل جامد خصص لإنشاء المدح ، وهو مركب مع اسم الإشارة " ذا " الذي يعرب فاعلا .
نحو : حبذا الأمانة . وحبذا الإخلاص في العمل .
حب : فعل المدح ، وذا اسم إشارة في محل رفع فاعل ، والإخلاص مخصوص بالمدح .
ومنه قول الشاعر :
      يا حبذا جبل الريان من جبل      وحبذا ساكن الريان من كانا
ومنه قول كنزة أم شملة وقد جمعت فيه فعلي المدح والذم حبذا ، ولا حبذا :
     ألا حبذا أهل الملا غير أنه      إذا ذكرت ميّ فلا حبذا هيا
ثانيا ـ أفعال الذم :
كما خصص النحاة للدلالة على الذم الأفعال الآتية :
1 ـ بئس : فعل جامد وضع لإنشاء الذم .نحو : بئس الخلق الخيانة . وبئس العدو إسرائيل .
بئس : فعل ماض جامد مبني على الفتح لإنشاء الذم .الخلق : فاعل بئس مرفوع بالضمة .
الخيانة : مخصوص بالذم ، وسنتعرض لإعرابه في موضعه .ومنه قوله تعالى : { وبئس الرفد المرفود }.
2 ـ لا حبذا : فعل جامد مركب من لا النافية السابقة للفعل " حب " ، وذا اسم الإشارة فاعله .
نحو : لا حبذا الإسراف . ولا حبذا الكذب .لا حب : فعل الذم ، وذا اسم إشارة في محل رفع فاعله ، والكذب مخصوص بالذم .
ومنه قول الشاعر ، وقد جمع بيت فعلي المدح والذم :
    ألا حبذا عاذري في الهوى     ولا حبذا الجاهل العاذل
3 ـ من الأفعال التي تلحق بئس ، ولا حبذا ، الفعل " ساء " ، وهو جامد لإنشاء الذم .
نحو قوله تعالى : { فساء مطر المنذرين }وقوله تعالى : { فساء صباح المنذرين }
والمخصوص بالمدح في الآيتين محذوف تقديره في الأولى : مطرهم ، وفي الثانية : صباحهم .
ثالثا ـ هناك بعض الأفعال القياسية وضعها النحاة للدلالة على المدح ، أو الذم غير التي ذكرنا آنفا ، وهي كل فعل ثلاثي على وزن " فَعُلَ " بفتح الفاء ، وضم العين .
مثل : حَسُن ، وضعف ، وكبر ، وشرف ، وقبح ، وخبث ، وغرها . نحو قوله تعالى : { وحسن أولئك رفيقا } .وقوله تعالى : { ضعف الطالب والمطلوب }.وقوله تعالى : { كبرت كلمة تخرج من أفواههم } .وقوله تعالى : { كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تعلمون } .ونحو : شرف الصديق عليّ .ونحو : قبح الرجل أبو لهب .ونحو : خبثت المرأةُ حمالةُ الحطب .
فاعل نعم وبئس :
     لفاعل نعم وبئس أربع حالات هي :
1 ـ أ يكون معرفا بـ " أل " :
نحو : نعم الصديق الكتاب . ومنه قوله تعالى : وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } .
وقوله تعالى : { نعم المولى ونعم النصير } .
وقوله تعالى : { والأرض فرشناها فنعم الماهدون } .
ومنه قول الشاعر :
      نعم الفتى المريّ أنت إذا هم      حضروا لدى الحجرات نارَ الموقد
فالوكيل ، والمولى ، والنصير ، والفتى ، جميها أفعال نعم معرفة بأل .ومثال فاعل بئس : بئس القول الكذب .ومنه قوله تعالى : { وبئس المصير } .وقوله تعالى : { بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان } .
ومنه قول الشاعر :
      والتغلبيون بئس الفحل فحلهم      فحلا وأمهم زلاّء منطيق
فالمصير ، والاسم ، والفحل ، أفعال بئس معرفة بأل .
2 ـ أن يكون مضافا إلى المعرف بأل :نحو : نعم عمل الطالب الاجتهاد .
فعمل : فاعل نعم مضاف إلى كلمة الطالب المعرفة بأل .ومنه قوله تعالى : { ونعم أجر العاملين
ومنه قول الشاعر :
       نعمت جزاء المتقين الجنة     دار الأماني والمنى والمنة
ومنه قوله تعالى : { وبئس مثوى الظالمين } .
3 ـ أن يكون ضميرا مميزا بنكرة ، أو بـ " ما " النكرة التامة بمعنى " شيء " نحو : نعم صديقا المخلص . وبئس خلقا الأنانية .
ونحو : نعم ما محمد . أو : نعمّا محمد . بدغام ميم " نعم " في ميم " ما " .
ففاعل نعم وبئس في المثالين السابقين ضمير مستتر مميز بنكرة ، تقديره : هو صديقا .
ومنه قول الشاعر :
      نعم امرءا هرم لم تعر نائبة     إلا وكان لمرتاع لها وزرا
الشاهد : نعم امرءا هرم ، حيث جاء فاعل نعم ضمير مستتر تقديره : هو ، والتمييز : امرءا ، وهرم مخصوص بالمدح .
ومنه قوله تعالى : إنها ساءت مستقرا ومقاما }.
وفي المثال الثالث جاء فاعل نعم أيضا ضميرا مستترا ، ولكنه مميز بما التي بمعنى شيء ، والتقدير : نعم هو شيئا .
4 ـ أن يكون " ما " ، أو " من " الموصولتين :
نحو : نعم ما قدمتَ الصدقةُ . وبئس من يسيء إلى وطنه مروج المخدرات .
فما ، ومن في المثالين السابقين أسماء موصولة ، وقع كل منهما فاعلا لنعم في المثال الأول ، وفاعلا لبئس في المثال الثاني .
ومنه قوله تعالى : { إن الله نعما يعظكم به }وقوله تعالى : { لبئس ما كانوا يصنعون }.
إعراب المخصوص بالمدح أو الذم :
1 ـ الأصل في مخصوص نعم وبئس أن يتأخر عن الفعل وفاعله .
نحو : نعم الخبر السار .
وفي هذا التركيب للمخصوص وجهان من الإعراب :
أ ـ السار : مبتدأ مرفوع ، والجملة من فعل المدح وفاعله في محل رفع خبر مقدم .
ب ـ أو يعرب خبر مرفوع لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو السار .
2 ـ إذا تقدم المخصوص على الفعل والفاعل . نحو : محمد نعم الصديق .
محمد : مبتدأ مرفوع ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر .
أما إعراب : حبذا الإخلاص ، ولا حبذا الكسل .
فهو على النحو التالي .
حب : فعل ماض مبني على الفتح لإنشاء المدح .
ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل .
الإخلاص : مخصوص بالمدح مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة ، والجملة الفعلية قبله في محل رفع خبر .
ولتركيب لا حبذا نفس الإعراب ، غير أن " لا " تفيد النفي .  
تنبيهات وفوائد :
1 ـ قد يأتي فاعل نعم ، أو بئس مضافا إلى المضاف للمعرف بأل .
نحو : نعم حارس كرة القدم إبراهيم .
ومنه قول الشاعر :
        فنعم ابن أخت القوم غير كاذب     زهيرٌ حسام مفرد من حمائل
وقد يضاف إلى نكرة .
نحو : نعم رجل فضل خالد .
2 ـ الأصل في فاعل نعم ، أو بئس إذا كان مميزا بنكرة أن يكون ضميرا مستتر ، غير أنه يجوز أن يكون اسما ظاهرا .
نحو : نعم القائد قائدا خالد بن الوليد .
نعم : فعل المدح ، القائد : فاعل نعم مرفوع ، قائدا : تمييز منصوب بالفتحة .
خالد مخصوص بالمدح مبتدأ مرفوع ، والجملة الفعلية قبله في محل رفع خبر ، أو خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو خالد ، ابن : بدل مرفوع ، وهو مضاف ، الوليد مضاف إليه مجرور .
ومنه قول الشاعر :
       نعم الفتاة فتاةً هندُ لو بذلت      رد التحية نطقا أو بإيماءِ
3 ـ ذكرنا سابقا أن فاعل نعم أو بئس يكون " ما " الموصولة ، ونستدل على ذلك من الفعل الواقع بعدها ، والذي يكون مع جملته لا محل له من الإعراب صلة ما .
نحو : نعم ما يؤديه المؤمن الصلاة في أوقاتها .
فما موصولة ، وهي فاعل نعم ، ويلاحظ أنها جاءت متلوة بفعل ، والفعل وما في حيزه لا محل له من الإعراب ، كما ذكرنا سابقا . غير أنه لا يشترط بمجيء الفعل بعدها أن تكون موصولة ، فقد يتلوها الفعل ، وتكون نكرة موصوفة ، وتعرب عندئذ تمييزا ، وفاعل نعم ، أو بئس ضمير مستتر .
نحو : نعم ما حثهم على العمل النصح السديد .
وقد تكون أيضا في هذا الموضع كافة لا عمل لها ، وهي تشبه " ما " المتصلة ببعض الأفعال التي ركبت معها على صورة معينة لا تفارقها .
مثل : قلما ، وطالما .
وفي هذه الحالة لا تحتاج نعم ، أو بئس إلى فاعل ، أو مخصوص ، وتكون " ما " حرفا مصدريا . نحو : نعما يقوم به العامل المخلص .
4 ـ وقد تأتي " ما " بعد نعم ، أو بئس متلوة بمفرد سواء أكان اسما ، أم ضميرا .
نحو : بئس ما عملٌ بلا نتائج مجدية . 
ومنه قوله تعالى : { إن تبدوا الصدقات فنعما هي } .
ففي المثال الأول تكون " ما " نكرة تامة ، وتعرب تمييزا ، وهي مركبة مع الفعل تركيب " حبذا " ، وفاعل نعم ، أو بئس ضمير مستتر ، والمخصوص بالمدح ، أو الذم الاسم الذي يليها وهو " عمل " .
والتقدير : بئس الشيء عمل .
وفي المثال الثاني تكون "ما " معرفة تامة ، وتعرب فاعلا ، والمخصوص " هي " .
والمعنى : نعم الشيء هي .
وعندما نعتبر " ما " نكرة تامة تكون بمعنى " شيء " ، وعندما تكون معرفة تامة تكون بمعنى " الشيء " . وفي الحالتين لا تحتاج إلى صلة .
5 ـ وقد تأتي " ما " بعد نعم ، أو بئس غير متلوة بشيء ، فتكون في هذه الحالة معرفة تامة أيضا ، وتعرب فاعلا ، لنعم ، أو بئس ، والمخصوص محذوف .
نحو : فاز المتسابقون فوزا نعما .
فـ " ما " في المثال السابق معرفة تامة ، في محل رفع فاعل ، ومخصوص نعم محذوف ، والتقدير : نعم الشيء الفوز .
وقد تكون " ما " في المثال السابق نكرة تامة ، وتعرب عندئذ تمييزا ، وفاعل نعم ومخصوصها محذوفان .
نحو : فاز المتسابقون فوزا عظيما . والتقدير : نعم هو شيئا الفوز .
ـ تأتي " ما " نكرة تامة متلوة بجملة فعلية . نحو : نعما يوصيكم به .
فما نكرة في محل نصب تمييز ، موصوفة بالجملة الفعلية بعدها ، ومخصوص نعم محذوف ، والتقدير : نعم شيئا يوصيكم به ذلك القول .
وجاز أن تكون " ما " فاعلا ، والجملة بعدها صفة لمخصوص محذوف .
والتقدير : يوصيكم به نعم الشيءُ شيءٌ .
7 ـ أرى من الأفضل في " ما " أن تكون نكرة تامة في كل الحالات في محل نصب على التمييز ، ولا داعي لتشتيت الذهن ، وجعلها مرة نكرة تامة ، وأخرى معرفة تامة ، وثالثة موصوله ، فإذا جاء بعدها جملة كما مر معنا أعربت الجملة صفة لها .
8 ـ قد يحذف المخصوص فهم من سياق المعنى .نحو قوله تعالى : { نعم العبد إنه أواب }

فحذف المخصوص " أيوب " لدلالة سياق الكلام عليه في أول القصة .
ومنه قوله تعالى : { والأرض فرشناها فنعم الماهدون } . والتقدير : نعم الماهدون نحن .وقوله تعالى : { فنعم عقبى الدار } . والتقدير : عقباهم . 


شارك الموضوع :

إرسال تعليق