ما يعمل عمل ليس من الحروف
أولا
: ما النافية : تنقسم " ما " النافية إلى قسمين : ـ
1 ـ ما
النافية التي لا عمل لها ، ودخولها على الجملة لا يؤثر فيها ، وتعرف بالتميمية ،
وسبب عدم عملها ؛ أنها أهملت إهمال ليس عند الكوفيين ، ولا يختص دخولها على
الأسماء ، وإنما تدخل على الأسماء والأفعال على حد سواء ، لذلك أهملها التميميون .
مثال
دخولها على الأسماء : ما أخوك قائم ، وما عمرو مسافر . فأخوك مبتدأ ، وقائم خبره .
ولم يرد
ذكرها في القرآن الكريم مع الأسماء . وقد كثر ذكرها مع الأفعال الماضية والمضارعة
.
مثال
دخولها على الأفعال الماضية ـ قوله تعالى : { فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين
}. وقوله تعالى : { ما اتبعوا قبلتك } وقوله
تعالى : { وما كان من المشركين }.
ومثال
دخولها على الأفعال المضارعة قوله تعالى : { وما يعلمنا من أحد } .
وقوله
تعالى : { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } .وقوله تعالى : { ما يأكلون في
بطونهم إلا النار } .
2 ـ ما
النافية العاملة ، والتي يختص دخولها بالأسماء ، وتعمل عمل ليس ؛ لأنها
تشبهها في
نفي الحال عند الجمهور وتعرف بالحجازية .
68 ـ نحو
قوله تعالى : { ما هذا بشر } . وقوله تعالى : { ما هن أمهاتهم } .
شروط
عملها :تعمل ما النافية بشروط
هي : ـ
1 ـ ألا
يتقدم خبرها على اسمها . إذ لا يصح أن نقول : ما مسافرا محمد .
2 ـ ألا
يتقدم معمول خبرها على اسمها . فلا يصح أن نقول : ما عمله محمد مشكورا ، وما يوم
الجمعة محمد قادما ، وما عند السفر عليّ منتظرا .
3 ـ الا تقترن
بـ " إن " الزائدة . فلا يجوز أن نقول : ما إن محمد مسافرا .
4 ـ ألا
ينتقض النفي بإلا ، فإذا انتقض بطل عمل " ما " . نحو قوله تعالى : { وما محمد إلا رسول } .
وقوله
تعالى : { ما أنتم إلا بشر مثلنا }4 . فـ " محمد " مبتدأ ، و "
رسول " خبر .
5 ـ ألا
تتكرر . ومن الأمثلة التي استوفت فيها " ما " الشروط السابقة قولهم :
ما رجلٌ
أكرمَ من حاتم ، وما محمد أشجعَ من علي . ومنه قوله تعالى : { ما منكم من أحد عنا
حاجزين } .
33 ـ ومنه
قول الشاعر : ما الحسن في وجه الفتى شرفا
له إذا لم يكن في فعله والخلائق
وقول الآخر
: أبناؤها متكنفون
أباهم حنقوا الصدور وما هم أولادها
الشاهد في
الآية قوله تعالى : { من أحد عنه حاجزين } من : حرف جر زائد ، وأحد : اسم ما في
محل رفع ، وحاجزين : خبرها منصوب .
والشاهد في
البيتين : " ما الحسن شرفا " ، و " وما هم أولادها " . فـ
" الحسن " في الشاهد
الأول ،
والضمير المنفصل " هم " في الشاهد الثاني كل منهما وقع اسما لما النافية
العاملة مرفوعا
بها ،
و" شرفا " ، و " أولادها " خبراها منصوبان بها .
تنبيهات
وفوائد :
1 ـ يكثر
اتصال خبر " ما " النافية العاملة عمل ليس بالباء الزائدة . كقوله تعالى
: { وما ربك بظلام للعبيد }. وقوله تعالى : { وما هم بمؤمنين } .وقوله تعالى : {
وما صاحبكم بمجنون }.
ـ ومنه قول
امرئ القيس : ألا أيها الليل الطويل ألا
انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثلِ
الشاهد في
البيت " بأمثل " فالباء زائدة ، وأمثل خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا
بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحرمة حرف الجر الزائد .
2 ـ ذكرنا
سابقا أنه يمتنع تقديم خبر " ما " العاملة على اسمها إذا كان الخبر اسما
ظاهرا ، غير أنه يجوز التقديم إذا كان الخبر شبه جملة .
ـ كقول عبد
الله بن كعب الحميري : وما لي شيء منكما غير
أنني أمني الصدى ظليكما فأطيل
الشاهد :
وما لي شيء ، حيث قدم خبر " ما " النافية العاملة عمل ليس على اسمها
" شيء
" ، وفيه خلاف بين النحاة ، فمنهم من أبطل عملها ، وجعل " لي " في
محل رفع خبر مقدم ، و " شيء " مبتدأ مؤخر .
3 ــ من
شروط عمل ما عدم زيادة " إن " بعدها ، غير أنه يجوز زيادة غيرها من
الأحرف كم الجارة . ـ نحو قوله تعالى : { فما منكم من أحد عنه حاجزين }
.
ومنه قول
الشاعر : لا ينسينك الأسى تأسيا
فما من حِمام أحدٌ معتصما
الشاهد في
الآية قوله تعالى : فما منكم من أحد ، حيث جيء بـ " من " الجارة بعد
" ما " .
والشاهد في
البيت قول الشاعر : ما من حمام ، حيث قدم معمول الخبر " معتصما " وهو
الشبه الجملة الجار والمجرور على اسمها ، وجاءت من الجارة بعد " ما "
العاملة .
4 ـ إذا
وقعت " بل ولكن " بعد " ما " النافية العاملة ، وجب رفع ما
بعدها على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، باعتبار بل ولكن ابتدائيتين ، وليستا عاطفتين ؛
لأن " ما " لا تعمل في الموجب ، وإنما تعمل في المنفي . نحو : ما محمد
مسافرا بل مقيم ،وما زيد مهملا لكن مجتهد .
وعلة عدم
إعمالها بعد بل ولكن أن " ما " تقتضي العمل في المنفي ، و " بل
ولكن " في هذه الحالة يقتضيان الإيجاب .
فإذا عطف
على معمولي " ما " بحرف يقتضي النفي ، ولا يقتضي الإيجاب كـ
" الواو " مثلا جاز النصب . نحو : ما سعيد كسولا ولا مهملا .
وجاز الرفع
على أنه خبر لمبتدأ محذوف . نحو : ما سعيد كسولا ولا مهملٌ.
ثانيا ـ
" لا " النافية ، وهي إما عاملة ، أو غير عاملة .
1 ـ "
لا " النافية العاملة عمل ليس ، وتعرف بلا الحجازية أيضا ، وهي لنفي الوحدة ،
وتعمل بالشروط الآتية ، وإن كان عملها عمل " ليس " على قلة .
أ ـ أن
يكون اسمها وخبرها نكرتين . نحو : لا رجل مسافرا .
ب ـ ألا
يتقدم خبرها على اسمها . فلا يجوز أن نقول : لا رجلا مسافر .
ج ـ ألا
يتقدم معمول خبرها على اسمها إلا إذا كان شبه جملة .
نحو : لا
في الدار أحد موجودا .
د ـ ألا
يكون خبرها محصورا بإلا ، فلا تقول : لا طالب إلا متفوقا .
هـ ـ ألا
تتكرر ، لأن نفي النفي إثبات ، وهي لا تعما إلا في النفي .
ومما سبق
نجد أن الشروط المتوفرة في عمل " ما " هي نفس الشروط المطلوبة في عمل
" لا " ،
ما عدا شرط
عدم زيادة " إن " فإنها لا تزاد بعد " لا " أصلا .
ومن
الأمثلة التي استوفيت فيها الشروط قولنا : لا رجلٌ أفضلَ من رجل .
36 ـ ومنه
قول الشاعر : تعز فلا شيء على
الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
الشاهد :
فلا شيء باقيا . لا : نافية تعمل عمل ليس ، وشيء : اسمها مرفوع ، وباقيا :
خبرها
منصوب .
ومنه قول
الآخر* : إذا الجود لم
يرزق خلاصا من الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
ومنه قول
المتنبي : نصرتك إذ لا صاحبٌ
غيرَ خاذل فبؤت حصنا بالكماة حصينا
ـ والغالب
في خبرها الحذف كقول سعيد بن مالك : من صد عن
نيرانها فأنا ابن قيس لا براح
الشاهد :
لا براح ، فلا نافية عاملة عمل ليس ، وبراح اسمها مرفوع ، وخبرها محذوف تقديره :
لا براح لي
.
2 ـ "
لا " النافية غير العاملة ، وهي لا تختص بالدخول على الأسماء ، وإنما تدخل
على الأسماء ،والأفعال ، كما هو الحال في " ما " غير العاملة .
فإذا دخلت
على الأسماء بقيت الجملة بعدها مبتدأ وخبرا .
71 ـ نحو
قوله تعالى : { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } .
وقوله
تعالى : { لا بيع فيه ولا خلال } .وقوله تعالى : { لا الشمس ينبغي ان تدرك القمر }
.
ويشترط
فيها التكرار إذا وليها نعت . نحو قوله تعالى : { زيتونة لا شرقية ولا غربية }3 .
ـ وقوله
تعالى : { لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث }4 .
ومثال
دخولها على الأفعال قوله تعالى : { فلا صدق ولا صلى } .وقوله تعالى { لا يعزب عنه
مثقال ذرة } .
وقوله
تعالى : { فلا أقسم بمواقع النجوم } .
فوائد
وتنبيهات
1 ـ تعمل
" لا " عمل ليس بقلة وندرة كما ذكرنا آنفا ، ولم يرد عملها في القرآن ،
ولم يسمع إلا في الشعر كم مثلنا سابقا في موضعه .
ـ وقد يكون
منه قول الراعي النميري ، ـ والغالب ألا يكون ـ وسنوضحه في الإعراب :
وما صرمتك حتى قلت معلنة لا ناقة لي في هذا ولا جمل
وذلك إذا
جعلنا " ناقة " اسما لـ " لا " ، و " لي " متعلقان
بمحذوف في محل نصب خبر لها .
أما قوله
تعالى : { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }.
فالاختيار
عند النحويين الرفع والتنوين على الابتداء
.
و "
عليهم " متعلق بمحذوف في محل رفع خبر المبتدأ " خوف " ، و "
لا " لا عمل لها ، وعلتهم في ذلك قوله تعالى : ولا هم يحزنون ، أن ما بعد
" لا " معرفة ،
و "
لا " لا تعمل إلا في النكرة ، فحملوا الأول على الثاني .
أي حملوا
قوله تعالى : لا خوف عليهم ، على قوله تعالى : ولا هم يحزنون .
وبعضهم
أجاز أن تكون " لا " عاملة عمل ليس ، وجعل " خوف " اسمها وشبه
الجملة في محل نصب خبرها ، وعلة من أجاز ذلك أنه لا يشترط في عملها أن يكون اسمها
وخبره نكرتين ، فقد ذكر ابن جني أنه لا يشترط في عملها هذا الشرط . فقد يأتي
اسمها معرفة ، وخبرها نكرة ، واستشهد على ذلك بقول النابغة الجعدي :
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا
ومنه قول
المتنبي : إذا الجود لم يرزق خلاصا من
الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
وعلى ذلك
حملت الآية السابقة : ولا هم يحزنون .
والشاهد في
بيتي الجعدى والمتنبي : ولا أنا باغيا ، و : فلا الحمد مكسوبا .
حيث عملت
" لا " عمل ليس ، واسمها ضمير ، والضمير أعرف المعارف ، وكذلك كلمة
" الحمد " فهي معرفة بأل . و" باغيا ومكسوبا " خبران لها
منصوبان .
وقد يرجع
السبب في ندرة عمل " لا " عمل " ليس " بأن شبه " لا
" بليس ضعيف ؛ لأن " لا " للنفي مطلقا ، و " ليس " لنفي
الحال ليس غير .
2 ـ يجوز
في " لا " التي لنفي الوحدة أن تكون لنفي الجنس إذا أريد بها نفي الجميع
نفيا عاما ، ولا يستثنى من أفراد جنسها أحد .
ونفرق بين
النوعين من " لا " بالقرينة الدالة على إحداها .
فإذ قلنا
لا رجلٌ مسافراً . برفع المبتدأ ، ونصب الخبر كانت " لا " لنفي الوحدة ،
والتفي في هذه الحالة ليس عاما ، فهو لم يستغرق جميع أفراد جنسها ، بل يكون واحدا
أو أكثر ، وكأننا قلنا : ليس رجلٌ مسافراً ، بل رجلان أم ثلاثة .
وإذا قلنا
: لا رجلَ مسافرٌ ولا امرأةً . بنصب المبتدأ ورفع الخبر كان النفي مستغرقا جميع
أفراد الجنس المنفي ، وفي هذه الحالة يكون التركيب خاطئا . إذ لا يصح أن نقول : لا
رجلَ مسافر ولا امرأة ، بل رجلان ؛ لأن المنفي وقع على الجميع ، فلا يستثني منهم
أحد .
وقد قرئ
قوله تعالى : { لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة }1 .
بالرفع
والنصب على الحالتين باعتبار أن " لا " تكون لنفي الوحدة ، وتكون لنفي
الجنس إذا وجدت القرينة .
3 ــ ويجوز
في " لا " النافية للوحدة أن تهمل وما بعدها يعرب مبتدأ وخبرا ، وفي هذه
الحالة يستوجب فيها التكرار .
نحو قوله
تعالى : { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون }وقوله تعالى : { لا فيها غول ولا هم عنها
ينزفون } .
4 ـ لا
يتغير عمل " لا " التي للوحدة إذا دخل عليها همزة الاستفهام .
نقول : ألا
رجل محسنا إلى للفقير ، ألا طالب فائزا في المسابقة .
5 ـ يجوز
اتصال خبرها بـ " الباء " الزائدة كقول سودة بن قارب :
وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد
بن قارب
الشاهد :
بمغن ، فقد زيد الباء قبل خبر لا .
6 ـ ينبغي
أن نلاحظ أن معظم الشواهد التي عملت فيها " لا " عمل " ليس " افتقد
فيها شرط التكرار كما هو الحال في الأبيات رقم : أ ، ب ، ج ، د .
ثالثا ـ
لات .
هي " لا " النافية زيدت عليها تاء لتأنيث اللفظ ، الغرض من زيادتها
المبالغة .
وتعمل
" لا " عمل " ليس " في بعض المواضع ، ولم تتمكن تمكنها ، ولم
تستعمل إلا ومضمر فيها ؛ لأنها كـ " ليس " في المخاطبة ، والإخبار عن
الغائب .
ويشترط
في عملها الشروط الآتية : ـ
1 ـ أن
يكون اسمها وخبرها بلفظ " الحين " .
2 ـ أن
يحذف اسمها ، أو خبرها ، والغالب حذف اسمها .
ـ نحو قوله
تعالى : { ولات حين مناص } .والتقير : ولات الحينُ حينَ مناص . أي : ليس الحين حين
مهرب .
39 ـ ومنه
قول قول الشاعر* : ندم الغاة ولات ساعة
مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
الشاهد :
ولات ساعة . فقد عملت ساعة في الخبر ؛ لأنه ظرف زمان ، ولكنه ليس بلفظ الحين .*
لرجل من طي ، ويقال لمحمد بن عيسى بن طلحة ، أو مهلل بن مالك الكناني .
ومنه قول
الأعشى : لات هنَّا ذكرى جبيرة أو
من جاء منها بطائف الأهوال
الشاهد :
لات هنَّا . وهنَّا ظرف زمان بمعنى " الحين " ، وقد عملت فيه لات النصب
خبرا لها .
تنبيهات
وفوائد
1 ـ لقد
وردي بعض ألفاظ الزمان غير لفظة " حين " بعد " لا " ، ولكنها
جاءت مجرورة ، وهذا شاذ في كلام العرب ، لأن ما عليه جمهور النحاة أن تعمل لات عمل
ليس فترفع الاسم ، وهو في الغالب ما يكون محذوفا ، وتنصب الخبر ويكون أيضا من
ألفاظ الزمان . فما سمع عنهم مجرورا من ألفاظ الزمان بعد " لا " كان
الجر بحرف الجر " من " المضمر ، وقد أشار إلى ذلك أبو حيان {1} .
وقال البعض
إن الجر بـ " لات " لغة من لغات الغرب ، وإن كان ذلك لم يذكره النحاة
كما ذكروا الحروف التي جر بها العرب لغة ، وهي : لعل ، ومتى ، ولولا وغيرها .
ومن
الشواهد على مجيء اسم الزمان مجرورا بعد لات ، 40 ـ قول المنذر بن حرملة * :
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
الشاهد :
ولات أوان . بجر أوان وتنوينها ، أي : ليس الجر جر بناء .
فإذا كان
الكسر كسر بناء فلا شاهد في البيت .
ومنه ـ
ولكن ليس بلفظ الزمان ـ قول المتنبي : لقد تصبرت
حتى لات مصطبرٍ ولآن أقحم حتى لات مقتحم
الشاهد :
لات مصطبرٍ ، ولات مقتحمِ . حيث جر الشاعر اللفظين بعد لات .
والجر كما
ذكرنا : إما على إضمار حرف الجر " من " ، وهو الوحه الحسن ، أو على لغة
بعض القبائل .
2 ـ وإذا
دخلت " لات " في بعض الأحايين على ألفاظ غير زمانية أهمل عملها ، ورفعت
تلك الألفاظ إما على الابتداء ، أو الفاعلية .
كقول شمردل
الليثي :
لهفي عليك للهفة من خائف يبغي جَوَارك حين لات مجيرُ
الشاهد :
لات مجير . برفع مجير ؛ لأنها لفظة غير زمانية جاءت بعد لات ، مما أبطل عملها ورفع
ما بعدها على الوجهين اللذين ثم ذكرهما .
والتقدير :
لات له مجير ، أو لات يحصل مجير .
3 ــ لقد
التزم النحاة حذف اسم لات ؛ لأن التاء فيها صارت كالفاصل بينها وبين جملتها ، فلم
تقو على العمل في معمولين ، ومن ثم أوجبوا أن يكون معمولها بلفظ واحد هو "
لفظ الزمان " ليدل بالثابت منها على المحذوف
4 ـ يرى
بعض النحاة إهمال لات مطلقا ، وإذا وجد الاسم بعدها منصوبا فهو مفعول به لفعل
محذوف تقديره : لات أرى حين مناص ، وإذا وجد مرفوعا فهو مبتدا وخبره محذوف ،
والتقدير : لات حينُ مناص كائن لهم . والله أعلم .
رابعا
ـ إن :حرف نفي
يعمل عمل ليس بقلة وندرة ، ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين . نحو : إن
معلمٌ حاضراً
بل جاز في
اسمها التعريف ، وفي خبرها التنكير . نحو : أن محمدٌ قائماً .
وتعمل
" إن " بشرط حفظ النفي والترتيب ، 74 ـ نحو : إن أحدٌ خيراً من أحد .
وحفظ النفي
لا يكون إلا بعدم انتقاض خبرها بإلا ، فإن انتقض أهملت .
ـ نحو قوله
تعالى : { إن هذا إلا ملك كريم } .وقوله تعالى : { إن هذا إلا أساطير الأولين } .
وأما حفظ
الترتيب ألا تقدم خبرها ، أو معموله على اسمها . فلا يصح أن نقول : إن موجودا أخوك
، ولا : إن عمله خالد مشكورا .
فوائد
وتنبيهات
1 ـ ذكر
النحويون أن " إن " تعمل عمل ليس بقلة وندرة ، بل أن جمهور النحاة على
عدم إعمالها إلا القليل منهم ، وهي بذلك تكون للنفي فقط ، وتدخل على الجمل الاسمية
، والفعلية مثلها مثل " ما " الميمية .
نحو : إن
محمد ٌ مجتهدٌ . برفع المبتدأ ، والخبر . ومنه قوله تعالى : { إن أنت إلا نذير } .وقوله
تعالى : { إن نحن إلا بشر مثلكم }وقوله تعالى : { إن في صدورهم إلا كبر }.
والموجب
لإبطال عملها في هذه الآيات ، وما شابهها هو انتقاض نفيها بإلا .
ومثال
دخولها على الجمل الفعلية ، ـ قوله تعالى : { إن أردنا إلا الحسنى } .وقوله تعالى
: { إن يقولون إلا كذبا}
2 ـ وكما
ينتقض نفي " إن " النافية غير العاملة بحصر خبرها بـ " إلا
"ينتقض أيضا بـ " لمَّا " المشددة . نحو قوله تعالى : { وإن كل نفس
لمَّا عليها حافظ }وقوله تعالى : { وإن كل لمَّا جميع لدينا محضرون } .
غير أنه
ورد النفي بها مع إهمالها دون نقض الخبر بـ " إلا " ، أو " لمَّا .
نحو قوله
تعالى : إن عندكم من سلطان } .وقوله تعالى : { وإن أدري أقريب أم بعيد } .
فـ "
إن " في الآيتين غير عاملة مع أنها دخلت في الآية الأولى على
الجملة الاسمية .
نماذج من الإعراب
67 ـ قال
تعالى : { فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين } .
فما ربحت :
الفاء حرف عطف مع التعقيب ، ما نافية لا عمل لها ، ربحت فعل ماض مبني على
الفتح ،
والتاء تاء التأنيث الساكنة .
تجارتهم :
تجارة فاعل مرفوع ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه . وجملة : ربحت
.. إلخ معطوفة على ما قبلها .
وما كانوا
: الواو عاطفة ، وما نافية لا عمل لها ، كان فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة ، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسمها . مهتدين : خبر
كان منصوب بالياء ؛ لأنه جمع مذكر سالم .
وجملة : ما
كانوا ... إلخ معطوفة على ماقبلها .
68 ـ قال
تعالى : { ما هذا بشرا } .
ما : حرف
نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب يعمل عمل ليس .
هذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل رفه اسم ما .
بشرا : خبر
ما منصوب .
33 ـ قال
الشاعر : ما الحسن في وجه الفتى شرفا
له إذا لم يكن في فعله والخلائق
ما الحسن :
ما نافية تعمل عمل ليس ، والحسن اسمها مرفوع بالضمة .
في وجه :
جار ومجرور متعلقان بالحسن ، ووجه مضاف .
الفتى مضاف
إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر .
شرفا له :
شرفا خبر ما منصوب بالفتحة ، له جار ومجرور متعلقان بـ " شرفا " .
إذا : ظرف
لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط .
لم يكن :
لم حرف نفي وجزم وقلب ، يكن فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون ، واسمها
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو يعود على الحسن .
في فعله :
جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر يكن ، وفعل مضاف ، والضمير المتصل
في محل جر مضاف إليه .
والخلائق :
الواو حرف عطف ، الخلائق معطوف على فعل مجرور بالكسرة .
ـ قال
تعالى : { وما ربك بظلام للعبيد } .
وما ربك :
الواو حرف عطف ، ما نافية عاملة ، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب ،
وربك اسمها مرفوع بالضمة ، وهو مضاف ، والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر
مضاف إليه .
بظلام :
الباء حرف جر زائد ، ظلام خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا بفتحة مقدرة منع من ظهورها
اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .
للعبيد :
جار ومجرور متعلقا بـ " ظلام " .
34 ـ قال
الشاعر : ألا أيها الليل الطويل ألا
انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثل
ألا : حرف
تنبيه مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
أيها :
منادي نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب بياء النداء المحذوفة ، وها حرف تنبيه
لا محل له من الإعراب .
الليل :
بدل مرفوع بالضمة لأن الليل اسم جنس جامد ، أو عطف بيان ، ولا يصح أن يكون صفة
لأنه غير مشتق
ويعربه
البعض بالنصب تبعا لمحل " أي " ، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع
من ظهورها اشتغال المحل بحركة الإتباع اللفظية وهي الضمة .
واتبعت ضمة
البناء ـ مع أنها لاتتبع ـ لكونها عارضة فأشبهت ضمة الإعراب .
والأحسن
الرفع على البدلية ، أو عطف البيان ، وهو رأي أكثر النحاة .
الطويل :
صفة مرفوعة بالضمة .
ألا انجلي
: ألا حرف5 تنبيه مؤكد للأول ، انجلي فعل أمر مبني على حذف حرف العلة هو "
الياء " أما الياء التابثة في آخر الفعل فهي مزيدة لإشباع كسرة اللام .
ومن
الشواهد على ثبوت الحرف الشبيه بالحرف المحذوف من أخر الفعل المعتل الآخر في حالتي
البناء ، أو الجزم قوله تعالى : { سنقرئك فلا تنسى } .
فلا ناهية
تجزم الفعل المضارع ، وتنسى فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف حرف العلة الألف
، والألف المتلصة بالفعل صلة لفتحة السين .
ومنه في
الكسر قول الشاعر : ألم يأتيك والأنباء
تنمي بما لاقت لبون بني زياد
فالياء في
" يأتيك " المجزوم بلم صلة لكسرة التاء في الفعل ، فكان مقتضى القياس
حذفها ولنها ثبتت لضرورة الشعر
إرسال تعليق